واشنطن – ما زالت إسرائيل في الذكرى الستين لتأسيسها قلقة حول بقائها. حتى بوجود الأسلحة النووية وأقوى جيش في الشرق الأوسط، تبقى الدولة العبرية خائفة قلقة. كذلك يقلق الزعماء الإيرانيون حول مستقبل إدارتهم، حتى بينما تقترب الدولة من الذكرى الثلاثين لثورتها الإسلامية.
تخاف إسرائيل من أي تهديد محتمل، بغض النظر عما إذا كان آتٍ من حماس أو حزب الله أو المجموعات الإسلامية السياسية. كما بدأت كذلك تخاف من التركيبة السكانية المتحولة، حيث تزيد معدلات الولادة كثيراً بين الفلسطينيين من معدلاتها عند اليهود. ولكن بالدرجة الأولى، ترى إسرائيل التهديد آتٍ من إيران.
من ناحية أخرى، تشعر إيران بالتهديد من طرف قوة خارجية قد تعكس اتجاه ثورتها. يقاوم المحافظون المتدينون في إيران الإصلاحيين حسب رؤيتهم لهم، والذين حصلوا على الدعم في العديد من المناسبات من الولايات المتحدة، وتقف وحدها كدولة ذات غالبية شيعية في المنطقة.
إلا أن المحافظين في إيران، ورثة ثورة آية الله الخميني الإسلامية، يواجهون كذلك احتمالات رؤية نظامهم يستبدل من قبل أتباع الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.
تتشارك إيران وإسرائيل بشعور من العزلة: تتكون إسرائيل من أقلية عرقية دينية (يهودية) في شرق أوسط غالبيته من العرب والمسلمين. بالمثل، تشكل حكومة إيران أقلية عرقية دينية (شيعة إيران) تحيط بهم دول سنية.
لا يعلم سوى قلة أن إيران تضم أكبر عدد من اليهود في الشرق الأوسط خارج إسرائيل. يوجد في غيران ثمانون كنيس يهودي (11 منها في طهران)، والعديد من المدارس العبرية. كما أن هناك 25 ألف يهودي مصممون على البقاء، لأنهم فخورون بثقافتهم الإيرانية مثل فخرهم بجذورهم اليهودية.
يتوجب على إيران وإسرائيل أن يتوقفوا عن كتابة الطروحات عن الآخر على أنه "العدو". ترى إسرائيل أحمدي نجاد على أنه تهديد، بينما يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أن شرور العالم كله تنبع من إيران.
هذه المواقف سوداء وبيضاء أكثر مما هو ضروري، وهي كذلك مستقطبة. يقوم الطرفان بنشر الخوف لدى شعوبهم في الوقت الذي يتوجب عليهم فيه بالتأكيد تشجيع التضامن، أولاً من خلال رفض الطرح العدواني. يتوجب على الدول العمل على بناء تواصل أفضل بين مجتمعاتها، حتى يتسنى للشعبين إيجاد أرضية مشتركة من التفاهم.
يهتم الإيرانيون بصورة أقل بطروحات أحمدي نجاد من اهتمامهم باحتياجات بلدهم الملحّة. في آخر تصريح له، ينتقد حسن روحاني، مستشار خاتمي الأمني بشدة سياسات أحمدي نجاد ويهاجمه لأنه قام "بتدمير كرامة الشعب الإيراني إضافة إلى تفقيره". من الأرجح أن تصبح هذه الانتقادات متكررة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران/يونيو 2009.
يشكل الاقتصاد الآن وليس فلسطين الأولوية القصوى للشعب الإيراني. لا يدعم أفراد الجيل الجديد في إيران وإسرائيل، الذين يتطلعون قدماً لمستقبل أفضل، قرع طبول الحرب.
هذه الطبول لا تؤدي إلا إلى حرب تدمر الدول وتخنق التطور في أرجاء الشرق الأوسط. لا يمكن لأية دولة أن تربح، ولكن جميع الدول ستخسر.
ما الذي يمكن أن ينقذ إسرائيل وإيران من بعضها؟ بذور السلام فقط التي تكمن ساكنة في كلا الدولتين. تكمن هذه البذور في الشعبين الإيراني والإسرائيلي. وهي تحتاج لأن تستثمر من خلال تبادلات بين المجتمع المدني، بين الطلبة والمفكرين والعلماء والأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات بل وحتى رجال الدين، حيث يتشارك الطرفان في تجاربهما في محاربة التحديات المشتركة.
يحتاج الزعماء في كلا البلدين لأن يهتموا بهذه البذور حتى تنتشر وتنمو. هذا هو دور الذين يريدون إنقاذ شعوبهم وتراثهم وفي الوقت نفسه بناء مستقبل للأجيال القادمة.
###
* أنتوني زيتوني (anthonygaz@hotmail.com) باحث في مجال حل النزاعات مركزه واشنطن. كتب هذا المقال لخدمة Common Ground الإخبارية.
مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 6 تشرين الأول/أكتوبر 2008
www.commongroundnews.org
تخاف إسرائيل من أي تهديد محتمل، بغض النظر عما إذا كان آتٍ من حماس أو حزب الله أو المجموعات الإسلامية السياسية. كما بدأت كذلك تخاف من التركيبة السكانية المتحولة، حيث تزيد معدلات الولادة كثيراً بين الفلسطينيين من معدلاتها عند اليهود. ولكن بالدرجة الأولى، ترى إسرائيل التهديد آتٍ من إيران.
من ناحية أخرى، تشعر إيران بالتهديد من طرف قوة خارجية قد تعكس اتجاه ثورتها. يقاوم المحافظون المتدينون في إيران الإصلاحيين حسب رؤيتهم لهم، والذين حصلوا على الدعم في العديد من المناسبات من الولايات المتحدة، وتقف وحدها كدولة ذات غالبية شيعية في المنطقة.
إلا أن المحافظين في إيران، ورثة ثورة آية الله الخميني الإسلامية، يواجهون كذلك احتمالات رؤية نظامهم يستبدل من قبل أتباع الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.
تتشارك إيران وإسرائيل بشعور من العزلة: تتكون إسرائيل من أقلية عرقية دينية (يهودية) في شرق أوسط غالبيته من العرب والمسلمين. بالمثل، تشكل حكومة إيران أقلية عرقية دينية (شيعة إيران) تحيط بهم دول سنية.
لا يعلم سوى قلة أن إيران تضم أكبر عدد من اليهود في الشرق الأوسط خارج إسرائيل. يوجد في غيران ثمانون كنيس يهودي (11 منها في طهران)، والعديد من المدارس العبرية. كما أن هناك 25 ألف يهودي مصممون على البقاء، لأنهم فخورون بثقافتهم الإيرانية مثل فخرهم بجذورهم اليهودية.
يتوجب على إيران وإسرائيل أن يتوقفوا عن كتابة الطروحات عن الآخر على أنه "العدو". ترى إسرائيل أحمدي نجاد على أنه تهديد، بينما يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أن شرور العالم كله تنبع من إيران.
هذه المواقف سوداء وبيضاء أكثر مما هو ضروري، وهي كذلك مستقطبة. يقوم الطرفان بنشر الخوف لدى شعوبهم في الوقت الذي يتوجب عليهم فيه بالتأكيد تشجيع التضامن، أولاً من خلال رفض الطرح العدواني. يتوجب على الدول العمل على بناء تواصل أفضل بين مجتمعاتها، حتى يتسنى للشعبين إيجاد أرضية مشتركة من التفاهم.
يهتم الإيرانيون بصورة أقل بطروحات أحمدي نجاد من اهتمامهم باحتياجات بلدهم الملحّة. في آخر تصريح له، ينتقد حسن روحاني، مستشار خاتمي الأمني بشدة سياسات أحمدي نجاد ويهاجمه لأنه قام "بتدمير كرامة الشعب الإيراني إضافة إلى تفقيره". من الأرجح أن تصبح هذه الانتقادات متكررة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران/يونيو 2009.
يشكل الاقتصاد الآن وليس فلسطين الأولوية القصوى للشعب الإيراني. لا يدعم أفراد الجيل الجديد في إيران وإسرائيل، الذين يتطلعون قدماً لمستقبل أفضل، قرع طبول الحرب.
هذه الطبول لا تؤدي إلا إلى حرب تدمر الدول وتخنق التطور في أرجاء الشرق الأوسط. لا يمكن لأية دولة أن تربح، ولكن جميع الدول ستخسر.
ما الذي يمكن أن ينقذ إسرائيل وإيران من بعضها؟ بذور السلام فقط التي تكمن ساكنة في كلا الدولتين. تكمن هذه البذور في الشعبين الإيراني والإسرائيلي. وهي تحتاج لأن تستثمر من خلال تبادلات بين المجتمع المدني، بين الطلبة والمفكرين والعلماء والأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات بل وحتى رجال الدين، حيث يتشارك الطرفان في تجاربهما في محاربة التحديات المشتركة.
يحتاج الزعماء في كلا البلدين لأن يهتموا بهذه البذور حتى تنتشر وتنمو. هذا هو دور الذين يريدون إنقاذ شعوبهم وتراثهم وفي الوقت نفسه بناء مستقبل للأجيال القادمة.
###
* أنتوني زيتوني (anthonygaz@hotmail.com) باحث في مجال حل النزاعات مركزه واشنطن. كتب هذا المقال لخدمة Common Ground الإخبارية.
مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 6 تشرين الأول/أكتوبر 2008
www.commongroundnews.org